رعاية مرضى السرطان عن طريق الطب الدقيق والذكاء الاصطناعي
يُعد رعاية مرضى السرطان أحد أكثر تحديات الطب المعاصر تعقيدًا. أحد المضاعفات التي تنشأ غالبًا هو وصف الأدوية التجريبية والخطأ التي غالبًا ما تكون غير فعالة ضد نوع معين من الورم أو لمريض معين. علاوة على ذلك، غالبًا ما ينتج عن هذه العلاجات آثار جانبية مرهقة.
لقد أعلنت بريطانيا للتو عن نتائج بحثية جديدة مفادها أن 25% من الوفيات في العام الماضي من البريطانيين كانت لضحايا لمرض السرطان. لا عجب إذاً من تكريس المال و الطاقة لجهود أبحاث علاجاته.
السرطان: تحد مستمر
إن القدرة على تحديد نوع الورم وتطوير علاج موجه فريد لكل مريض يمكن أن يزيد بشكل كبير من فرص النجاة والبقاء على قيد الحياة وتحسين نوعية الحياة. هذا النهج في علاج المرضى بناءً على الخصائص الفردية يسمى الطب الدقيق.
تهدف مبادرة حديثة من قبل معهد الأبحاث التابع للمركز الصحي بجامعة ماكجيل الكندية، إلى دمج طرق العلاج الحالية مثل العلاج المناعي والعلاج الكيميائي ومبادئ الطب الدقيق والذكاء الاصطناعي لتحقيق شخصنة نهج لعلاج السرطان.
قال الدكتور ميتراكوس، رئيس برنامج أبحاث السرطان، في مقابلة : “السرطانات من جميع الأنواع غير متجانسة”. “كل ورم [له] مجموعة فريدة من الطفرات ومجموعة فريدة من الدوافع. إذا أردنا أن نكون ناجحين، فسيتعين علينا أن نكون قادرين على تقسيمهم إلى طبقات واستهدافهم بشكل فريد “.
لتحقيق ذلك ، يبحث الباحثون عن مؤشرات حيوية في دم المرضى مرتبطة بأنواع معينة من الأورام. تطلق الخلايا السرطانية حويصلات خارج الخلية في مجرى الدم تحتوي على البروتينات والمواد الجينية مثل الحمض النووي والحمض النووي الريبي. يمكن أن يشير فحص محتوى هذه الحويصلات إلى هوية الورم ويساعد الأطباء على تطوير خطط علاجية موجهة.
البيانات
ومع ذلك، بمجرد استخراج مكونات هذه الحويصلات من عينة الدم وتسلسل البروتين والمحتوى الجيني، يظهر تحدٍ كبير. تشكل متواليات البروتين والحمض النووي والحمض النووي الريبي، بالإضافة إلى التاريخ الطبي للمريض، كمية هائلة من البيانات التي يمكن تحليلها. لا يمكن لأي عالم مع هذا القدر من المعلومات اكتشاف الأنماط ، لكن الكمبيوتر يمكنه ذلك. هذا هو المكان الذي تلعب فيه التطورات في الذكاء الاصطناعي. الخوارزميات قادرة على رؤية الاتجاهات وهي قادرة على استدعائها و فك العلاقات.
تخطط My Intelligent Machines (MIMs)، وهي شركة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي ومقرها مونتريال، لاستخدام خوارزميات التعلم الآلي لإجراء تحليل عالي المستوى للبروتين والتسلسلات الجينية جنبًا إلى جنب مع المعلومات السريرية. قد تكشف هذه الطريقة عن الروابط بين أنواع الأورام المحددة والتوقيعات البيوكيميائية في الدم.
بعد ذلك، ستقوم شركة CellCarta، وهي شركة متخصصة في تطوير العلامات الحيوية، بتطوير أدوات لتحديد وجود هذه التوقيعات من خلال خزعة سائلة بسيطة مأخوذة من المريض.
يمكن لهذه المبادرة البحثية التعاونية أن تحول رعاية مرضى السرطان عن طريق تقليل وقت التشخيص الثمين وضمان علاج أكثر استهدافًا.
يبدو أن العملية الحالية لتجربة أدوية مختلفة وإعادة تعديل الوصفات بناءً على النتائج ستصبح عتيقة قريبًا. سيتمكن الأطباء من تحديد العلاجات الأكثر فاعلية بشكل أفضل بناءً على التواقيع المحددة في دم المريض. مما يزيد من فرصة العلاج الناجح ويجعل رعاية مرضى السرطان أقل إرهاقًا للمريض.
من المتوقع أن يحمل هذا التقدم تحولاً كبيراً في استراتيجية علاج السرطان. مما يعني عدم الاهتمام بمصدر الورم، بل النظر إلى طفراتها. و النظر إلى محركاتها و تركيبتها البروتينية : ثم استهدافها.
